تحليل منظومة التكوين في الإدارة العمومية الجزائرية
- دراسة الأطر القانونية والتنظيمية والمؤسساتية والبيداغوجية -
أ/ بليه لحبيب
قسم العلوم السياسية
كلية الحقوق والعلوم السياسية
جامعة عبد الحميد بن باديس – مستغانم
ملخص:
إن الدولة لا تستطيع القيام بالمهام والأدوار المنوطة بها في إشباع الحاجات العامة لمواطنيها، والتي هي مبرر شرعيتها وضرورة وجودها، إلا من خلال الموظفين العموميين، الذين تتزايد أعدادهم تبعا لتزايد واتساع الأعباء الملقاة على كاهل الدولة، وتبعا لتطور حاجات المجتمع.
ومن أجل التسيير الحسن لأداء مجموع الموظفين، يحظى هؤلاء بالاهتمام البالغ والمستمر، ويتجلى ذلك في تواتر المنظومات القانونية المختلفة والمتعددة، والتي تصدر في شأنهم، ومن ضمنها الأحكام القانونية والتنظيمية المتعلقة بالتكوين.
لهذا سنحاول في هذه الورقة التعرف على منظومة التكوين في الإدارة العمومية الجزائرية من خلال استعراض الإطار القانوني للتكوين ثم يليه إطاره التنظيمي وأخيرا إطاره المؤسساتي والبيداغوجي.
الكلمات المفتاحية: منظومة التكوين، الإدارة العمومية، الوظيفة العمومية.
مقدمة:
كما هو معلوم فإن الدولة هي الشخص المعنوي الأول في المجتمع، وهو ما يجعلها تسعى من خلال فرض سلطتها العامة إلى ممارسة دورها الهام في إشباع الحاجات العامة للمواطنين، كون هذا الدور هو مبرر شرعيتها وضرورة وجودها، فتؤدي كل عمل من شأنه تحقيق سعادة مجتمعها، أيا كانت طبيعة النشاط المحقق لهذا الغرض.
إن الدولة لا تستطيع أن تقوم بالدور المنوط بها إلا بواسطة الأشخاص الطبيعيين، الذين هم وسيلتها لتحقيق إشباع الحاجات العامة للأفراد، بحيث يمثلون الدولة (الإدارة العامة) في مختلف تعاملاتها مع أفراد المجتمع، ويسمون بالموظفين العموميين(*)، وهؤلاء الأشخاص الطبيعيون الذين هم وسيلة الدولة لتحقيق مختلف سياساتها يطلق عليهم تسمية "أعوان الدولة "، وقد أكد ذلك الفقيه "هوريو" حين قال: "أعوان الدولة هم ممثلوها".(1)
وفي نطاق الأعباء المتزايدة على كاهل الدولة، تضطر هذه الأخيرة إلى استخدام أعداد هائلة ومتزايدة من الأعوان العموميين، من أجل إدارة المرافق العامة التي هي أيضا في تزايد مستمر تبعا لتطور حاجات المجتمع، ومن أجل التسيير الحسن لأداء مجموع الموظفين، وخلق التجانس الوظيفي عضويا وموضوعيا، ونظرا للأهمية الكبيرة لأعوان الدولة، فهم يحظون بالاهتمام البالغ والمستمر، ويتجلى ذلك في تواتر المنظومات القانونية المختلفة والمتعددة، والتي تصدر في شأنهم، من أجل تنظيم مختلف علاقاتهم مع أفراد المجتمع من جهة، ومن جهة أخرى من أجل تنظيم حياتهم المهنية والوظيفية، ابتداء من يوم التحاقهم بالوظيفة إلى غاية انتهاء العلاقة الوظيفية التي تربطهم بالإدارة، ومن بين تلك المنظومات القانونية التي تصدر بشأن هؤلاء الموظفين نجد تلك الأحكام القانونية والتنظيمية المتعلقة بالتكوين.
لهذا سنحاول في هذه الورقة التعرف على منظومة التكوين في الإدارة العمومية الجزائرية من خلال استعراض الإطار القانوني للتكوين ثم يليه إطاره التنظيمي وأخيرا إطاره المؤسساتي والبيداغوجي.
المبحث الأول: الإطار القانوني للتكوين في الإدارة العمومية الجزائرية
لقد أصبح التكوين يشكل بالنسبة لقطاع الإدارة العمومية عملية إستراتيجية متناسقة، والذي لم يعد ينظر إليه تلك النظرة التي تلازم التكوين التقليدي(2)، نظرا للمكانة المعتبرة للعنصر البشري في معادلة تجسيد الأهداف المأمولة في أي مجتمع، كونه مصدر نماء وتطور وتقدم في أي إدارة عمومية، ولا يمكن لأي مرفق عمومي النجاح في تأدية رسالته، في غياب الاستخدام الأمثل والرشيد لموارده البشرية. (3)
ونشير إلى أن التكوين أهمل لفترة طويلة في الوظيفة ذات البنية المفتوحة وحتى في نظام الوظيفة المغلق، فالتكوين في بريطانيا كان غير ضروري وكان البريطانيون يعتمدون، في التكوين على ثلاثة عناصر هي:
-1 الثقافة العامة،
-2 إحاطة الموظف بشؤون الوظيفة من خلال التمرس،
-3 متابعة بعض الدروس و التكوين.
وحتى النظام الفرنسي في بدايته لم يبتعد كثيرا عن النظام البريطاني من حيث اعتماده على الجامعة في التكوين وأصبح التكوين حاليا عملية مستمرة ودائمة في البلدان الغربية.
أما في بلدان العالم الثالث فإنها تجد نفسها ملزمة ببذل جهود جبارة في ميدان التكوين والتأهيل، وذلك من أجل النهوض ببرامج التنمية في مختلف الميادين.
لذلك قامت الجزائر بوضع إطار قانوني
من تشريعات وقوانين ينظم هذه العملية لما لها من أهمية قصوى في تحقيق التنمية في
مختلف الأصعدة، وما يجب التنويه به هنا بخصوص مختلف النصوص القانونية التي نظمت
التكوين في الوظيفة العمومية في الجزائر، أن كل نص قانوني يعكس المرحلة التي ظهر
فيها والظروف المحيطة بها.
المطلب الأول: التكوين في الإدارة العمومية في الجزائر قبل الاستقلال
لم تكن أبواب الإدارة العمومية ومن خلالها الوظيفة العمومية في الجزائر مفتوحة أمام توظيف الجزائريين، فقد كانت هذه الأخيرة مفتوحة فقط للفرنسيين والمعمرين الأوروبيين.
إلا أنه سجلت بعض الاستثناءات إذ انفتحت الإدارة العمومية في الجزائر على بعض الفئات من الجزائريين كالمحاربين القدامى والنخب المتعلمة ولكن ذلك كان لأسباب استعمارية بحثة ارتبطت بظروف معينة.
أولا: قبل اندلاع ثورة أول نوفمبر1954
كانت الإدارة العمومية ومن خلالها الوظيفة العمومية في الجزائر خاضعة للقوانين الفرنسية ومنها القانون الصادر في 19 أكتوبر1946** الذي يعتبر أول قانون جامع للوظيفة العامة في فرنسا)4(، وقد دخل هذا القانون حيز التنفيذ ابتداء من 10 جوان 1949 كما امتد ليطبق على الموظفين في الجزائر بعد أن أدخلت علية بعض التكييفات والتعديلات.)5(
لم يكن للجزائريين الإمكانية أو الحق القانوني للالتحاق بكل الوظائف، إلى غاية صدور الأمر المؤرخ في 07 مارس 1944*** والذي تضمن منح المواطنة الفرنسية لفئات من الجزائريين، فقد كان عدد الجزائريين في وظائف التنفيذ إلى غاية اندلاع ثورة أول نوفمبر 1954 قليلا جدا، وحتى هذه الوظائف لم يكن باستطاعتهم الوصول إليها لولا الظروف الاستثنائية والظروف الجديدة الناجمة عن نهاية الحرب العالمية الأولى التي أتاحت لبعض المشاركين فيها من الجزائريين (المحاربين القدامى) الالتحاق ببعض الوظائف المتواضعة.
ففي سنة 1930 تسبب الاحتفال الكبير الذي أقامته السلطات الاستعمارية والمعمرون بالجزائر بمناسبة الذكرى المئوية للاحتلال الفرنسي للجزائر في إحداث صدمة لدى الكثير من الجزائريين دفعت بهم إلى التسيس والاهتمام بالأحزاب السياسية والحركات المطلبية بفرنسا، وبعدها وصول الجبهة الشعبية للحكم في فرنسا سنة 1936 سمح ببعض التفتح وتوظيف بعض الجزائريين. (6)
عندما احتلت ألمانيا فرنسا فرضت على حكومة الماريشال بيتان سحب الجنسية الفرنسية من المواطنين الفرنسيين ذوي الأصول اليهودية وبالتالي تسريحهم من الوظيفة العمومية، ما حتم ضرورة تعويضهم بغيرهم وهنا تم توظيف بعض الجزائريين.
وعندما نزلت القوات الأمريكية في إفريقيا الشمالية، وفي الجزائر تحديدا بتاريخ 08 نوفمبر1942، من بين أهم ما تم اتخاذه هو تنظيم ما كان يطلق عليه آنذاك السلك الحر (le corps franc) أو السلك الإرسالي الذي تدخل لطرد الألمان من هذه المنطقة من أجل تحرير فرنسا، وبهذه المناسبة تم توظيف عدد كبير من الجزائريين سواء في الجيش أو الإدارة، وفي هذه الأثناء شكلت اللجنة الفرنسية للتحرير
الوطني(C.F.L.N) في الجزائر في 03 جوان 1943****، وفي نفس الوقت تقريبا ظهر بيان الشعب الجزائري في فيفري 1943، ثم أصدرت السلطات الفرنسية الأمر المؤرخ في 07 مارس 1944 الذي سمح لعدد معتبر من الجزائريين من الولوج إلى بعض الوظائف التنفيذية، وحتى بعد إصدار هذا الأمر إلا أن الجزائريين وجدوا عدة مشاكل، إذ لم يتم الالتزام بمضمون هذا الأمر.(7)
لهذه الأسباب فإن عددا قليلا فقط من الجزائريين تمكن من الالتحاق بالوظيفة العمومية قبل سنة 1954، على النحو التالي:
الجدول رقم (1): توزيع تعداد الوظيفة العمومية في الجزائر قبل سنة 1954
الأصناف |
غير مسلمين |
مسلمين |
نسبة المسلمين |
الصنف A |
7090 |
205 |
2 ,8% |
الصنف B |
19542 |
3278 |
14,4% |
الصنف Cو D |
19745 |
6648 |
25,2% |
SOURCE : S.Taouti, op.cit, P.91.
ثانيا: بعد اندلاع ثورة أول نوفمبر1954
بعد اندلاع ثورة أول نوفمبر 1954 وبفعل الانتصارات الأولى التي حققتها للشعب الجزائري والأوضاع الجديدة التي خلقتها دفعت السلطات الاستعمارية إلى فتح باب التحاق الجزائريين بمختلف الوظائف في القطاع العمومي على مصراعيه، فقد اتخذت العديد من الإجراءات المخالفة للقانون الأساسي للوظيفة العمومية للرفع من مشاركة الفرنسيين المسلمين ) الجزائريين) في الوظيفة العمومية وزيادة مشاركتهم فيها وهذا لاعتبارات سياسية، فابتداء من عام1956 وضعت نصوص قانونية جديدة سمحت بتوظيف الجزائريين، نذ كر من بينها على سبيل المثال:
- المرسوم رقم 56-273 المؤرخ في 17 مارس 1956 المحدد للتدابير الموجهة لتشجيع إلتحاق المواطنين الفرنسيين المسلمين في الجزائر بالوظيفة العمومية،
- الأمر رقم 58-1017 المؤرخ في 29 أكتوبر1958 الممدد للتدابير الموجهة لتشجيع التحاق الفرنسيين المسلمين في الجزائر بمناصب الإطارات الجزائرية والجماعات المحلية بالجزائر،
- المرسوم رقم 59-1213 المؤرخ في 27 أكتوبر1959 المحدد لقواعد التوظيف والمكافأة لبعض المستخدمين غير المرسمين في مصالح الدولة بالجزائر، وفي المصالح والمؤسسات العمومية بالجزائر، والذي يعدل أحكام المرسوم السابق،
- المرسوم رقم 60-1048 المؤرخ في 24 سبتمبر 1960، المعدل والمتمم لأحكام المرسوم الآنف ذكره.
هذه الأحكام الجديدة كان يفترض أن تؤدي إلى توظيف أعوان متعاقدين جزائريين في الوظائف الشاغرة في الجزائر، بنسبة 50 % للصنف A، و70 % للصنفينB وC و90 % للصنف D. (8)
إضافة إلى ما سبق، فقد صدر في 04 فيفري 1959 (9) قانون أساسي جديد للوظيفة العمومية في فرنسا، وامتد تطبيق هذا القانون إلى الجزائر بموجب مرسوم مؤرخ في 12 أوت 1960(10)، وقد استمر العمل بهذا القانون في الجزائر حتى الاستقلال.(11)
وبفضل هذه الإجراءات، بلغ العدد الإجمالي للجزائريين في الوظيفة العمومية في 31/12/1959 عددا قياسيا بلغ 36518 موظفا، وقد بلغت نسبهم في ماي 1960 حسب الأصناف ما يلي :
- صنف A :5,2%- صنف B :11,8%- صنف C :19,4%- صنف D :53,7%.(12)
أما فيما يتعلق بالأحكام الخاصة بالتكوين خلال هذه الفترة فالمادة 28 من القانون رقم 46- 2294 المتضمن القانون الأساسي العام للموظفين الفرنسي المشار إليه أعلاه، والذي كان مطبقا في الجزائر، نصت على ضرورة أن تضمن الأنظمة الخاصة بكل إدارة تسهيلات في ميدان التكوين لجميع الموظفين الذين لديهم المؤهلات الضرورية.
المطلب الثاني: الإطار القانوني للتكوين في الإدارة العمومية الجزائرية بعد الاستقلال
وجدت الجزائر نفسها غداة الاستقلال في وضعية استثنائية، إذ تحتم عليها إيجاد وسائل وطرق استثنائية لحل مشاكلها. في مقابل هذه الوضعية الكارثية تأكد المسؤولون من أنه من المستحيل تلبية احتياجات البلاد من الإطارات بالاكتفاء فقط بتلك الوسائل والطرق الموروثة عن الاستعمار الفرنسي، وأمام ضخامة مهامهم الواجب أداؤها وضرورة الاستجابة لتلك الاحتياجات من الإطارات كان من الواجب عليهم خلال السنوات الأولى للاستقلال تلبية المستعجل منها، فقد أحدثت الثورة الجزائرية دمارا بأتم معنى الكلمة في كل القطاعات والمستويات، كما كانت الإمكانيات التي تتوفر عليها الجزائر بين أيدي المعمرين الأوروبيين وفي فائدتهم منذ تاريخ احتلال الجزائر في 05 جويلية 1830.
فغداة الاستقلال تملكت هؤلاء الأوربيون الذين كانت بأيديهم كل السلطات والأملاك حالة من الجنون الهستيري، مما دفعهم إلى مغادرة البلاد وترك الأملاك والمنشآت والهياكل ليلحقها الخراب والدمار ليخلفوا وراءهم ما يسميه البعض الأرض المحروقة، الشيء الذي تسبب في حدوث فوضى في كل الإدارات وفي كل القطاعات.(13)
أولا: قبل سريان الأمر رقم 66-133
دارت مفاوضات إيفيان التي جرت في الفترة ما بين 7و18مارس 1962 بين ممثلي الحكومة الفرنسية ونظرائهم من جبهة التحرير الوطني خصوصا حول تنظيم السلطات العامة خلال المرحلة التي تسبق تنظيم استفتاء تقرير المصير في 1 جويلية 1962، كما تم التوصل في هذه المفاوضات إلى اتفاق على وقف إطلاق النار يوم 19 مارس 1962 على الساعة 12:00، وإنشاء هيئة تنفيذية مؤقتة تنصب ابتداء من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، تتمثل مهمتها في:
- تسيير الشؤون العامة،
- حفظ النظام العام،
- تحضير و إجراء استفتاء تقرير المصير.
كما قضت المادة 24 العنوان 7 من اتفاقيات ايفيان بأن تصبح الجزائر تحت إشراف وسلطة الهيئة التنفيذية المؤقتة ابتداء من 19 مارس 1962 إلى غاية نقل السلطات من طرف هذه الهيئة إلى مجلس وطني تأسيسي جزائري وهو ما تم بالفعل بتاريخ 25 سبتمبر 1962(14)، ثم تشكيل أول حكومة في الجزائر المستقلة بتاريخ 27 سبتمبر 1962.(15)
لذلك، نميز فيما يتعلق بوضعية الإدارة العمومية عموما والتكوين بالخصوص في الفترة السابقة لسريان الأمر رقم 66-133 المؤرخ في 2 جوان 1966 (16) بين مرحلتين: مرحلة أولى كانت فيها البلاد تحت سلطة الهيئة التنفيذية المؤقتة و مرحلة ثانية تلت تشكيل أول حكومة بعد استقلال البلاد إلى غاية دخول الأمر 66-133 حيز التنفيذ في 01 جانفي 1967.
1- مرحلة الهيئة التنفيذية المؤقتة
لقد اتخذت الهيئة التنفيذية المؤقتة بموجب الصلاحيات التي خولت لها فيما يتعلق بتسيير الشؤون العامة ومنها الإدارة العمومية، إجراءين هامين خلال هذه المرحلة، فمن جهة كان يجري التوظيف حصريا استنادا إلى القرار المؤرخ في 12 فيفري 1962 المتضمن إنشاء إطار جزائري لأعوان متعاقدين في الإدارة العامة، وهذا من أجل تسهيل سير المصالح العمومية في الجزائر، بغرض إعطاء حرية في التصرف للهيئة التنفيذية المؤقتة في القيام بتوظيف الأعوان التي هي بحاجة إليهم لتأدية مهمتها، ومن جهة أخرى، فقد تم تعليق العمل بأحكام الأمر رقم 59-244 المؤرخ في 4 فيفري 1959 المتعلق بالقانون الأساسي العام للموظفين إضافة لمجموع النصوص المتخذة لتطبيقه في الجزائر والتي كانت تهدف إلى تسهيل التحاق الجزائريين بالوظيفة العمومية، سيما منها تلك التي تنظم عملية التوظيف والترسيم.(17)
مع إعلان استقلال الجزائر كانت الإشكالية الأساسية تتمحور حول كيفية سد الوظائف الشاغرة أو بالأحرى المتخلى عنها، ففي قطاع الوظيف العمومي مثلا غادر حوالي100.000 مائة ألف أوروبي الجزائر وتخلوا عن مناصبهم(18)، لذلك كانت الهيئة التنفيذية المؤقتة أمام حتمية اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاستعجالية للحفاظ على ما تبقى من الإدارة، إذ كان يجب عليها إسناد مهام التصور والتنشيط والإدارة إلى جزائريين لا يمتلكون المؤهلات اللازمة وكانت تسند إليهم حتى وقت قريب مهام تنفيذية متواضعة. وقد كان من أهم الإجراءات والتدابير التي تم اتخاذها بصفة مستعجلة ما يلي:
أ- فيما يخص تنظيم الوظيفة العمومية:
عمدت الهيئة التنفيذية المؤقتة إلى إنشاء المديرية العامة للوظيفة العمومية وهذا بموجب المرسوم رقم 62-526 المؤرخ في 18 سبتمبر1962(19)، ومنذ هذا التاريخ احتلت الوظيفة العمومية على الدوام مكانة مميزة في التشكيلة المؤسساتية للدولة، وكانت مدعوة لممارسة صلاحيات جد حساسة وذات أثر حاسم على تنظيم وسير الإدارة العمومية. وقد كلفت بما يلي:
- إعداد عناصر سياسة شاملة للوظيفة العمومية،
- متابعة تنفيذ القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية والقواعد النظامية الخاصة لمختلف موظفي الدولة والجماعات العمومية الأخرى ودراسة مختلف مشاريع الأنظمة الأساسية للموظفين،
- دراسة الاقتراحات التي تهدف إلى تعديل مبادئ الأجور ونظام الاحتياط لمختلف موظفي الدولة والجماعات العمومية الأخرى،
- ضمان مراقبة تسيير موظفي الإدارات المركزية،
- إعداد عناصر لسياسة تعاون تقني وتنسيق تطبيق اتفاقيات المساعدة التقنية وتوظيف الموظفين الأجانب في الإدارات العمومية،
- ضمان تكوين الموظفين الإداريين للإدارات العمومية،
- إعداد أو العمل على إعداد رصيد وثائقي وإحصائيات شاملة حول الوظيفة العمومية،
- دراسة كل التدابير التي من شأنها تحسين تنظيم وسير المصالح العمومية.
ب- فيما يخص التوظيف:
-إدماج وإعادة إدماج الموظفين القدامى:
أول إجراء خص في البدء الموظفين الجزائريين المطرودين من مناصب عملهم بسبب أفعال قاموا بها بدوافع وطنية قبل 20 مارس 1962، حيث تم إعادة إدماجهم في الإدارة وتم تسوية وضعياتهم الإدارية بالكامل لتعويض الضرر الذي ذهبوا ضحيته، وهذا بموجب الأمر رقم 62-1 المؤرخ في 06 جويلية 1962 المتعلق بإعادة إدماج بعض الموظفين والأعوان وإعادة النظر في وضعياتهم الإدارية(20)، كما استفاد من هذا الإجراء صنف آخر من الموظفين وهم الإطارات الجزائريون الذين كانوا يعملون في الإدارات الفرنسية والمغربية والتونسية حيث تم إدماجهم بموجب الأمر رقم 62-040 المؤرخ في 18 سبتمبر 1962.(21)
لكن قبل اتخاذ هذه القرارات، تم إصدار مجموعة من النصوص من طرف الهيئة التنفيذية المؤقتة من أجل تسهيل وتخفيف أكثر لشروط التوظيف.
- التوظيف عن طريق التعيين:
إذا كانت النصوص السابقة المنظمة للتوظيف تنص على أن التوظيف الخارجي يتم عن طريق المسابقة على أساس الاختبارات فإن السلطات المؤقتة اتخذت مجموعة من الإجراءات، نذكر منها المرسوم رقم 62-502 المؤرخ في 19 جويلية 1962 المحدد لشروط تعيين بعض الموظفين السامين،
والمرسوم رقم 62-503 المؤرخ في 19 جويلية 1962 المتضمن التدابير التي ترمي إلى تسهيل الالتحاق بالوظيفة العمومية(22) والذي سوف يشكل الأساس القانوني للتوظيف إلى غاية صدور القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، حيث سمح بالتوظيف على أساس الشهادة عوضا عن التوظيف عن طريق المسابقة على أساس الاختبارات، كما نص على إجراءات تسهيلية إضافية فيما يخص المستوى المطلوب حسب الجدول أدناه:
الجدول رقم (2): المستويات المطلوبة للتوظيف في أصناف الوظيفة العمومية
الصنف |
المستوى المطلوب |
A1 |
شهادة ليسانس أو شهادة معادلة |
A2 |
شهادة البكالوريا في التعليم الثانوي أو شهادة معادلة |
B |
الجزء الأول من البكالوريا أو شهادة معادلة |
C |
شهادة الدراسات أو مستوى السنة الخامسة |
D |
بدون شرط الشهادة |
SOURCE : JOEA N° 3 du 20/07/1962,P.26.
كما صدر المنشور المؤرخ في 06 سبتمبر 1962 الذي نص على تدابير في فائدة المشاركين في الثورة وحدد شروط توظيفهم (23)، إذ خصص لهم حصريا الصنف D، أما بالنسبة للمناصب المنتمية إلى الأصناف العليا الثلاث الأخرى (A,B,C) فقد نص على أولوية هؤلاء في التوظيف والتعيين وأحكام أخرى استثنائية.
- التوظيف عن طريق الانتداب:
نص المرسوم رقم 62-502 المؤرخ في 19 جويلية 1962 المذكور سابقا على تعيين بعض الموظفين عن طريق الانتداب، فإضافة إلى الحالات الخاصة المتعلقة بالوظائف السامية أو المناصب النوعية و التي يتم انتقاء المستفيدين منها وتعيينهم من طرف السلطة السياسية و يمكن عزلهم بحرية، تم اتخاذ أحكام أخرى لصالح إطارات المصالح الخارجية و بعض الأسلاك المنتمية لمختلف الوزارات.
2- مرحلة ما بعد تشكيل أول حكومة في الجزائر المستقلة:
غداة الاستقلال وخصوصا بعد تشكيل أول حكومة في عهد الجزائر المستقلة في 27 سبتمبر 1962، ونتيجة لما كانت تشهده الجزائر من فراغ قانوني وتنظيمي في مختلف المجالات، ظهر اتجاهان مختلفان حول مسألة التشريعات والقوانين التي تسير عالم المؤسسات العمومية، اتجاه يرى بضرورة الإبقاء على النظام الفرنسي بما يتميز به من دقة ويترتب عنه انقسام عالم الشغل إلى قسمين:
قطاع يسيره قانون الوظيفة العمومية وآخر يحكمه قانون العمل، أما الاتجاه الآخر فيرى بوجوب مقاطعة التشريع الفرنسي كلية وإيجاد نظام آخر يتماشى وفلسفة الدولة المستقلة ويعزز مبدأ السيادة الوطنية.
وتفاديا لتعطيل وتجميد الحياة الاقتصادية والاجتماعية في انتظار سن التشريعات والقوانين الجزائرية، حسمت الحكومة الجزائرية الأمر وبادرت إلى إصدار قانون يرمي إلى تمديد سريان مفعول التشريع الفرنسي بالجزائر باستثناء مقتضياته المخالفة للسيادة الوطنية(24).
غير أن لهذا الموقف ما يبرره حيث أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية كانت في غاية من التدهور ولم يكن بإمكان الدولة عمليا الاستغناء كلية على التشريع الفرنسي كأداة تنظيم مختلف المؤسسات والقطاعات، فضلا على أن عملية الاستغناء الكلي عن التشريع الفرنسي كانت بالمقابل تحتم اقتراح تشريع بديل يحكم شؤون الدولة في شتى نشاطاتها الإدارية والاقتصادية والاجتماعية وهو ما لم يكن ممكنا في حينه.
انطلاقا مما سبق وبموجب القانون المذكور سابقا، كان من المفروض أن يستأنف العمل بالأمر رقم 59-244 المؤرخ في 04 فيفري 1959 المتعلق بالقانون الأساسي العام للموظفين ومجموع النصوص المتخذة لتطبيقه في الجزائر، في انتظار إصدار قانون أساسي جزائري للوظيفة العمومية، غير أن هذا لم يحصل إذ أن الوظيفة العمومية الجزائرية عاشت تحت نظام خاص إلى غاية 01 جانفي 1967 تاريخ دخول القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية الجديد (الأمر رقم 66-133) حيز التنفيذ، فقد كان الموظفون والأعوان طيلة هذه الفترة محكومين بعدد من النصوص التي أصدرت بعد 1 جويلية 1962، وقد تم اللجوء بصفة استثنائية في تطبيق هذه النصوص إلى التشريع الفرنسي، كما أن الإدارة بقيت طوال الفترة السابقة لإصدار القانون الجديد منشغلة
بالحصول على الموظفين الضروريين لضمان سير عادي ومنتظم للمصالح العمومية. (25)أما فيما يتعلق بوضع نصوص تنظم و تسير عمليات التكوين في الفترة التي سبقت سريان مفعول القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية المتضمن في الأمر رقم 66-133 فإنه يمكننا القول أن مسألة التكوين لم تطرح على بساط البحث من طرف السلطات الجزائرية، ذلك أن هذه الأخيرة كان جل اهتمامها منصبا حول إعادة الحياة إلى المؤسسات المختلفة للمجتمع الجزائري، باعتبار أن تلك المؤسسات خرجت من الثورة التحريرية منهارة ومليئة بالمشاكل، فالإدارة العمومية وجدت نفسها، بفعل مغادرة الموظفين الأوروبيين للبلاد وتخليهم عن مناصب عملهم نظرا للظروف السياسية المستجدة المتمثلة في استقلال الجزائر وفي ظل إلزامية استمرار أدائها لخدماتها، أمام حتمية الاستنجاد بالمواطنين الذين يتوفرون على مستويات تعليمية متواضعة وبدون أدنى تكوين مسبق وتم توظيفهم في مناصب العمل الشاغرة التي تتطلب في الأصل مستويات أعلى وتكوينا متخصصا، لذلك تم تهميش وإهمال التكوين في ظل تلك الظروف الصعبة.
ثانيا: في ظل الأمر رقم 66-133
لقد تميزت المرحلة التي سبقت سن الأمر رقم 66-133 بنقص فادح في الموظفين العموميين الجزائريين الذين يمتلكون الخبرة والكفاءة اللازمتين، في الوقت الذي كلفوا فيه بتطبيق التشريعات الفرنسية الكثيرة والمعقدة بالنسبة إليهم، ما أدى إلى تفشي البيروقراطية في أعمال الوظيفة العمومية.
كما أن النظام السابق للتكوين لم يعد متكيفا مع المرحلة الجديدة ولم يتمكن من توفير الإطارات التي تحتاجها الدولة لتنفيذ مخططات التنمية لأنه أعد لمجتمع ودولة غير الجزائر لذلك يتعين إيجاد التناسق بين التعليم والتكوين والاقتصاد.(26)
انطلاقا مما سبق بدأ التفكير في تنظيم جديد لهذه الوظيفة، إذ شكلت لجنة وزارية مشتركة مشكلة من ممثلين عن الوزارة المكلفة بالوظيفة العمومية ووزارة المالية في سبتمبر1965، حيث قامت بوضع مشروع نص تشريعي يتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية ،وبعد عرضه خلال شهر جانفي 1966 على مختلف الوزارات والحزب والنقابة تم تقديمه للمداولة والمناقشة أمام مجلس الوزراء في شهر أفريل 1966 ثم تمت المصادقة عليه من قبل مجلس الثورة في ماي 1966 ليتم في 8 جوان 1966 (72) إصدار الأمر رقم 66-133 المؤرخ في 2
جوان 1966 في الجريدة الرسمية بالإضافة إلى مجموع النصوص المتخذة لتطبيقه.(28)وقد جاء هذا الأمر للقضاء على ما ميز المرحلة السابقة لسريان الأمر رقم 66-133 من تباين واختلاف محسوس بين الأنظمة المطبقة على المؤسسات الإدارية والمؤسسات الاقتصادية سواء في مجال الأجور أو الترقية أو الحماية الاجتماعية أو التقاعد وغيرها، مما نتج عنه حالة من عدم الاستقرار الوظيفي وانتقال اليد العاملة من القطاع الإداري إلى القطاع الاقتصادي بحثا عن أجر أعلى وامتياز أفضل، ولعل هذا ما ذهب إليه المشرع في بيانه لأسباب سن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، إذ جاء في فقرة من هذا البيان ما يلي:
" وبناء عليه فإن وضعية الموظفين تتميز حاليا بمظهر مزدوج: نتيجة عدم الاستقرار الحقوقي من جهة، وعدم الاستقرار في الوظيفة من جهة أخرى. فالموظفون يبحثون دائما عن الوضعية التي تدر عليهم بأكثر من الفوائد ".(29)
وقد سبب هذا الوضع ضررا بالنسبة للدولة، وهذا ما يظهر جليا في فقرة أخرى من هذا البيان:
" وتثبت التجربة مدى الضرر الذي يلحق سلطة الدولة وفي نفس الوقت بالأموال العمومية من جراء ترك تباين محسوس قائم بين النظم الخاصة بالقوانين الأساسية والمرتبات والتقاعد والفوائد الاجتماعية للموظفين التابعين لطبقتين من المصالح العمومية. وإن إعلاء المزايدات بشأن الفوائد المالية التي تجرى حاليا ضد الإدارات هي التي سببت في أكبر جزء من عدم الاستقرار الحقوقي وعدم الاستقرار الوظيفي اللذين تعانيهما الوظيفة العمومية منذ الاستقلال ".
لذلك كان لابد لهذا الوضع من تغيير، خاصة أمام تطور وظيفة الدولة لتمس القطاعين الإداري والاقتصادي وتزايد عدد العاملين بالقطاع العام، مما فرض ضرورة إعادة ترتيب عام في النسق القانوني المطبق في كل من المؤسسات الإدارية والاقتصادية، وبهذا صدر الأمر رقم 66-133 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية.
والجدير بالذكر بخصوص هذا النص أنه لم يستبعد العاملين بالمؤسسات الصناعية والتجارية من مجال تطبيقه، إذ ورد في بيان الأسباب ما يلي: " إذا ظهر أن إخضاع رجال القضاء وأفراد الجيش الوطني الشعبي للقانون الأساسي للوظيفة العمومية غير مرغوب فيه للاعتبارات المتقدمة، فإن الأمر لا يكون كذلك بالنسبة للمؤسسات والهيئات العمومية." (30)، ومن خلال هذه الفقرة ندرك مبدأ التوحيد الذي يهدف هذا الأمر لتحقيقه.
لذلك جاءت أحكام المرسوم رقم 66- 134 المؤرخ في 2 جوان 1966 المحدد لكيفيات تطبيق الأمر رقم 66-133(31) لتقرر توسيع سريان قانون الوظيفة العمومية على المؤسسات الصناعية والتجارية ضمن شروط تحدد بمرسوم بعد أخذ رأي لجنة كانت تتكون وقتها من الوزير المكلف بالوظيفة العمومية ووزير المالية ووزير الوصاية على القطاع المعني أو ممثلين عنهم، غير أن هذا المرسوم لم يصدر، وبالتالي لم يكن من الممكن اعتبار العاملين بالمؤسسات الصناعية والتجارية موظفين، لأن توسيع تطبيق القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية على هؤلاء العمال توقف على مرسوم لم يصدر، وهذا ما يعني استمرار التفرقة في القواعد المطبقة بين المؤسسات الإدارية والمؤسسات الاقتصادية.(32)
لقد تميزت سنة 1966، بالإعداد للانطلاق في مخططات التنمية ابتداء من سنة 1967 (المخطط الثلاثي الأول 1967-1969) في إطار إستراتيجية تنموية تهدف إلى إنشاء قاعدة لنهضة اقتصادية واجتماعية وثقافية، وهو ما يتطلب أيدي عاملة مؤهلة وإدارة عمومية في مستوى التحديات المطروحة، وكان ذلك نتيجة لتبني السلطة في الجزائر للخيار الاشتراكي، الذي يتضح من خلال أحكام المادة 10 من دستور سنة 1963، حيث ورد فيها:" تتمثل الأهداف الأساسية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية في:....
- تشييد ديمقراطية اشتراكية، ومقاومة استغلال الإنسان في جميع أشكاله، وضمان حق العمل ومجانية التعليم، وتصفية جميع بقايا الاستعمار... ".(33)
لأجل ذلك، كان لا بد من إيلاء التكوين المكانة المستحقة من خلال إيجاد الوسائل القانونية التي تسمح بإعداد وتكوين الإطارات التي ستواكب مخططات التنمية، وهذا هو المعنى الذي ذهبت إليه الفقرة الواردة في بيان أسباب سن هذا القانون حيث جاء فيها: "إن المادتين 22 و23 من القانون الأساسي، إذ تسترعيان النظر إلى الأهمية الممنوحة لتكوين الإطارات، تقران أهمية دور الإدارة في التنمية المتوازنة للهياكل الاجتماعية والاقتصادية لبلدنا... ".
وفي هذا الصدد نجد أن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية قد نص في مادته 22 على أن: "تتخذ الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات والهيئات العمومية المشار إليها في المادة الأولى أعلاه، التدابير اللازمة لضمان تكوين المرشحين لوظيفة عمومية، وكذلك تحسين معارف الموظفين العاملين وترقيتهم.. .".
وبحسب مفهوم هذا الأمر فإن الدولة والجماعات المحلية والهيئات العمومية ملزمة بضمان التكوين للموظف الجديد و تحسين معارف الموظف القديم، فقد وضع هذا الأمر كقاعدة عامة المبدأ الذي تتحمل بموجبه الدولة تكوين الموظفين، من خلال اتخاذ الإجراءات الضرورية الكفيلة لضمان ذلك.
وقد جاء في بيان أسباب سن هذا القانون سبب إدراج أحكام تتعلق بالتكوين في هذا القانون كما يلي:"ولهذا فقد وضع، كقاعدة عامة، المبدأ الذي تتحمل الدولة بموجبه إقامة تكوين تخصصي يتعين إتمامه قبل ممارسة أي عمل تابع للوظيفة العمومية.ولو أن هذا الحل كان باهظ التكاليف إذا تم في أجل قصير، إلا أنه يمكن الإدارة من مراقبة مباشرة على تكوين الموظفين وعلى توجيه المهن المتعددة التي تعرضها عليهم في مختلف قطاعات الحياة الاقتصادية للبلد. وعلاوة على ذلك يتأتى هذا الحل بضمانة إضافية للاستقرار حيث أن الإدارة يكون لها الحق في أن تطلب من الموظفين الذين تقوم بتكوينهم أن يلتزموا بخدمة الإدارة طيلة مدة معينة وذلك مقابل التسهيلات الممنوحة لهم. ".(34)
لقد جاء في أواخر الفقرة أعلاه أن هذا الأمر تضمن من جهة أخرى إلتزامات مقابلة تقع على المستفيد من التكوين، إذ نصت المادة 23 منه على: "تكون للمترشحين لوظيفة عمومية، الذين يتابعون دورة تكوينية في إدارة أو مدرسة للتكوين، صفة الموظف المتمرن. ويتقاضون بهذه الصفة مرتبا كما يجب عليهم أن يتعهدوا بالبقاء في خدمة الدولة أو الجماعات المحلية والمؤسسات والهيئات العمومية المشار إليها في المادة الأولى أعلاه مدة معينة...."، وقد أحالت هذه المادة تحديد طبيعة ومدة التعهد المنصوص عليه إلى مرسوم.
وهكذا صدر المرسوم رقم 66-151 المؤرخ في 2 جوان 1966 المحدد للأحكام المطبقة على الموظفين المتمرنين(35)، الذي ألزم في المادة 7 منه المستفيدين من التكوين أن يبقوا لزوما في خدمة الإدارة طيلة مدة مساوية لثلاث سنوات عن كل سنة من التكوين على أن لا يقل مجموع المدة الكلية سنتين ولا يتجاوز 10 سنوات، أو نصف هذه المدة عن كل سنة من التكوين إذا تم استبعادهم في نهاية التكوين، و إلا فإنهم ملزمون برد المرتبات التي تلقوها أثناء تكوينهم إضافة إلى مصاريف التكوين، وهو نفس الأمر الذي يطبق على طلاب المدارس الذين يتكونون للالتحاق بأحد أسلاك الوظيفة العمومية لأول مرة.
ثالثا: في ظل المرسوم رقم 85-59
قبل التعرض إلى التكوين في ظل المرسوم رقم 85-59 المؤرخ في 23 مارس 1985 المتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية (36)، يجدر بنا التطرق إلى الأحكام المتعلقة بالتكوين التي وردت في القانون رقم 78 -12 المؤرخ في5 أوت 1978 المتضمن القانون الأساسي العام للعامل (73) باعتباره الأصل الذي استمدت منه أحكام المرسوم رقم 85-59 وهو ما تذهب إليه أحكام المادة 2 من هذا القانون التي تنص على أن:" تستمد القوانين الأساسية النموذجية المطبقة على مختلف قطاعات النشاط من هذا القانون، وتحدد بموجب مرسوم...".
لقد جاءت أحكام هذا القانون في محاولة لإيجاد الوحدة المفقودة في الأنظمة والقوانين المطبقة على جميع العمال في مختلف مجالات النشاط، وبالتالي استدراك ما فشل في تحقيقه الأمر رقم 66-133 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، بسبب عدم صدور المرسوم الذي يحدد شروط سريان أحكام هذا الأمر على عمال القطاعات التجارية والصناعية كما سبق وأن أشرنا.
لقد صدر هذا النص في ظل التباين السائد بين قطاع الوظيفة العمومية والقطاع الاقتصادي وحاول وضع الأسس والقواعد العامة التي يقوم عليها عالم الشغل بهدف توحيد الأنظمة والقوانين التي تحكم جميع العاملين بغض النظر عن القطاع الذي ينتمون إليه، وهذا ما يتضح من المادة الأولى منه التي جاء فيها:"...يحدد هذا القانون حقوق العامل والواجبات التي يخضع لها مقابل تلك الحقوق مهما كان القطاع الذي ينتمي إليه..."، كما يتضح من خلال تسمية هذا القانون "القانون الأساسي العام للعامل" والتي تعكس الإيديولوجية الاشتراكية السائدة آنذاك التي تنزع نحو إقامة نوع من المساواة بين جميع العمال عن طريق توحيد الأنظمة والقواعد المطبقة عليهم.
إنه لا يمكن فهم وإدراك فلسفة هذا القانون إلا بالرجوع إلى السياق العام الذي طبع المرحلة التي صدر فيها، ذلك أن صدور هذا القانون سنة 1978 جاء عقب دخول الجزائر في مرحلة سياسية تميزت بصدور الميثاق الوطني لسنة 1976(38)، الذي يمثل المصدر الأسمى لسياسة الأمة وقوانين الدولة (39)، حيث ورد في المادة 6 من دستور سنة 1976 :" الميثاق الوطني هو المصدر الأساسي لسياسة الأمة وقوانين الدولة وهو المصدر الإيديولوجي والسياسي المعتمد لمؤسسات الحزب والدولة على جميع المستويات..." (40)، وقد كرس هذا الميثاق التوجه الاشتراكي للدولة، ويتضح ذلك جليا من فقرة واردة في هذا الميثاق جاء فيها:
"...إن الاتجاه نحو خيار اشتراكي قد ظهر في أفكار وتصرفات مناضلي جبهة التحرير الوطني ومجاهدي جيش التحرير الوطني.......لا يمكن، بحكم المنطق، إلا أن يتخذ وجهة معاكسة لكل ما يمثله النظام الإقطاعي والامبريالي ن ولكل المجموعات القوية الرأسمالية الأجنبية والمتعاملين معها من الأهالي..." (41)، وهذا ما يتفق مع ما ذهب إليه دستور سنة 1976، حيث جاء في مادته 10 : " الاشتراكية اختيار الشعب الذي لا رجعة فيه، كما عبر عن ذلك بكامل السيادة في الميثاق الوطني وهي السبيل الوحيد الكفيل باستكمال الاستقلال الوطني مفهوم الاشتراكية، طبقا لما ورد في الميثاق الوطني نصا وروحا، هو تعميق لثورة فاتح نوفمبر 1954 و نتيجة منطقية لها...".(42)
أما فيما يتعلق بالتكوين في القانون رقم 78-12 المتضمن القانون الأساسي العام للعامل، فقد تعرض له في البداية دون أن يسميه صراحة، فقد جاء في المادة 11 منه ما يفيد ذلك:" لكل عامل الحق في تنمية شخصيته بدنيا ومعنويا وثقافيا ومهنيا"، إذ لا يمكن تصور تنمية شخصية العامل معنويا وثقافيا ومهنيا بدون تكوين، ولعل ذلك ما يتناغم مع ما ورد في الميثاق الوطني لسنة 1976، إذ جاء في فقرة منه
:"...إن الاشتراكية في الجزائر ترمي أساسا لتحقيق أهداف ثلاثة:....3- ترقية الإنسان وتوفير أسباب تفتح شخصيته وازدهارها..." . (43)، وهي نفس العبارات التي وردت في في المادة 12 من دستور سنة 1976.بالإضافة إلى المادة 11 فقد خصص القانون رقم 78-12 وأفرد للتكوين فصلا كاملا مكونا من تسع مواد تضمنت النقاط التالية:
- العمل التكويني أحد عوامل الترقية الاجتماعية و المهنية للعمال وضمان للتنمية الاقتصادية للبلاد،
- العمل التكويني التزام ذو فائدة وطنية يفرض على العامل والمؤسسة والدولة،
- استفادة المتكون لعمل مستقبلي من أجر مسبق ،
- المؤسسة المستخدمة ملزمة بأن تنظم نفسها بالاشتراك مع ممثلي العمال لترقية نشاط التكوين والتحسين، الضروري لاحتياجات المؤسسة، وإنجازه وتأمين التكوين المستمر لجميع المستخدمين بغية تطورهم وتفتحهم،
- التكوين يهدف إلى تحقيق التنمية المستمرة للقوى البشرية من خلال:
* تكوين المستخدمين الذين تحتاجهم المؤسسة،
* ضمان التكوين الدائم مما يسمح للعمال بتحديث معارفهم وتنميتها وبترقيتهم،
* القيام بأعمال تدريبية لفائدة الشبان، ابتداء من 15 سنة، لإكسابهم معارف نظرية وتطبيقية لازمة لممارسة مهنة ما،
* تعليم القراءة والكتابة باللغة الوطنية لجميع عمال المؤسسة لتمكينهم من المهنة،
* تقديم المساعدة للعمال المتمكنين من اللغة العربية لتعلم لغة أجنبية تفيدهم في مهنتهم،
* ضرورة تعليم اللغة الوطنية لكل عامل يعرف لغة أجنبية لتسود اللغة الوطنية.
- إلزام العمال بمتابعة نشاطات التكوين المختلفة التي تنظمها المؤسسة المستخدمة،
- يمكن للمؤسسة المستخدمة أن تفرض على العمال الذين تسمح مؤهلاتهم واختصاصاتهم أن يساهموا بشكل فعال في أعمال التكوين و التأهيل التي تقوم بها.(44)
وتعبر النقاط السابقة عن تناغم مع ما كان يصبو إليه الميثاق الوطني لسنة 1976، حيث عبرت فقرة منه عن ذلك حيث ورد فيها:"...ثم إن الثورة من ناحية أخرى ما فتئت تعمل على توفير مزيد من المكاسب الاجتماعية للعمال، وتمنحهم فرصة الحصول على العلم والتقانة الحديثة وذلك بفضل تنوع مجالات الاقتصاد و نموه المستمر، والاعتماد الدائم على الأساليب التقنية الجديدة . ولا يخفى أن تعميم التكوين المهني بصفة خاصة يسهل التكيف مع العمل ويتيح للعامل تحسين مستواه الحياتي كما يجعله في مأمن من البطالة التقنية...".(45)
أما بخصوص الأحكام المتعلقة بالتكوين في المرسوم رقم 85-59، فإن هذا الأخير تعرض بداية إلى التكوين باعتباره حقا من الحقوق المكفولة قانونا، إذ جاء في المادة 16 منه ما يلي:
"يتمتع العمال في، إطار التشريع والتنظيم المعمول بهما، بالحق فيما يأتي خاصة:.....
- التكوين و تحسين المستوى... ".
كما حدد هذا المرسوم مجموع الأعمال والإلتزامات التي تقع على عاتق الإدارة لضمان هذا الحق، إذ نصت المادة 52 منه على ما يلي:
" عملا بالمادة 172 من القانون رقم 78-12 المؤرخ في 5 أوت 1978، يتعين على المؤسسات والإدارات العمومية، بغية تحسين مردود المصالح العمومية وضمان الترقية الداخلية للموظفين، أن تقوم بما يأتي:
- تتولى أعمال التكوين وتحسين المستوى وتجديد المعلومات لتحسين تأهيل العمال تحسينا دائما وذلك بالتناسق مع متطلبات التنمية،
- تضمن ترقية العمال حسب استعداداتهم و الجهود التي يبذلونها،
- تنجز أو تشارك في انجاز الأعمال المخصصة لضمان تكييف المترشحين مع الوظيفة العمومية..".
كما أشارت المادة 53 منه إلى أولوية بعض الفئات، المشاركة في الثورة التحريرية، في القبول في دورات التكوين وتحسين المستوى وتجديد المعلومات.
وبعد مراجعة كامل الأحكام الواردة في المرسوم رقم 85-59 يمكننا الخروج بالعديد من النقائص التي تضمنها هذا المرسوم فيما يتعلق بالتكوين:
- لم يعط الحق للموظف في الإحالة على الاستيداع أو الاستفادة من عطل من أجل متابعة دورات تكوينية،
- قصر المبادرة إلى التكوين على الإدارة وأغفل حصول ذلك من طرف الموظفين، مما من شأنه أن يقضي على رغبة الموظفين في تحسين مستوياتهم،
- تجاهل التكوين المتخصص ما بعد التدرج والتكوين المتوسط والقصير المدى، في حين ركز على التكوين العالي،
- لم يأخذ بعين الاعتبار التكوين لتحضير المسابقات والامتحانات المهنية وحتى التكوين المتواصل وترك أمر تقدير ذلك للإدارة،
- ضيق المجال الذي يكون فيه للتكوين فائدة تعود على المسار المهني للموظف، حيث أن المادتين 55 و 56منه نصتا على أن الترقية تكون إما عن طريق الاختيار من بين الموظفين الذين تتوفر فيهم الأقدمية، وإما على أساس الشهادة من بين الذين أحرزوا المؤهلات والشهادات المطلوبة، وأيضا عن طريق المسابقات أو الامتحانات المهنية، إن اقتضى الحال عقب تدريب للتكوين أو لتحسين المستوى، وغالبا لا تأخذ الإدارة بعين الاعتبار هذا النوع من التكوين (46)، في الحين الذي توجد فيه نصوص تمنح مزايا فيما يتعلق بالترقية للموظفين الذين يتابعون تكوينا طويل المدى، فالمادة 11 من المرسوم رقم 81-115 المؤرخ في 6 جوان 1981، المتضمن إعادة تنظيم بعض القواعد المتعلقة بتعيين الموظفين والأعوان العموميين(47)، تنص على استفادة الموظفين المنتمين للأسلاك المصنفة في السلالم من 1 إلى 11 من تخفيض في الأقدمية المطلوبة للترقية بسنة واحدة عن كل سنة من التكوين العام أو المتخصص الذي له علاقة بالفرع المهني دون أن يتجاوز المجموع سنتين، وبالنسبة للموظفين المنتمين للأسلاك المصنفة في السلالم من 12 إلى 14 بسنة عن كل سداسي من التعليم العالي.
- نص هذا المرسوم من جهة على إلتزامات الإدارة في ميدان التكوين، غير أنه أغفل بالمقابل الإشارة إلى الإلتزامات التي تقع على عاتق المستفيد من التكوين، عكس الأمر رقم 66-133 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية الذي نص على هذه الإلتزامات في مادته 23 وأحال إلى المرسوم رقم 66-151 تحديد طبيعة ومدة هذه الإلتزامات، كما سبقت الإشارة إليه.
وعموما يمكننا القول أن النصوص الأساسية المنظمة للتكوين في قطاع الوظيفة العمومية تعطي انطباعا عاما بأنها تحرص على إلزام المؤسسات والإدارات العمومية، بدرجات متفاوتة، بضمان تكوين مستخدميها، غير أنه وعند تمعننا لمجمل هذه النصوص فإننا نستخلص بأنها لم تتضمن القواعد والتدابير التي من شأنها ضمان تحقيق ذلك الإلزام.
فعند تحليل الإطار القانوني للمنظومة التكوينية، نستخلص أنه بدلا من الانتقال من مرحلة الإصلاح بصدور الأمر رقم 66-133 ومختلف القوانين الأساسية الخاصة الصادرة في عام 1968 إلى مرحلة الاهتمام بالمنظومة التكوينية بدءا من صدور المرسوم رقم 69-52 المؤرخ في 12 ماي 1969 المتضمن التدابير المخصصة لتسيير التكوين والإتقان للموظفين وأعوان الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات والهيئات العمومية(48)، وبدلا من إعطاء نفس جديد للمنظومة التكوينية وتكيفها مع متطلبات عالم الشغل، الذي كان يرمي إليه القانون رقم 78-12، ومختلف النصوص المتخذة لتطبيقه ومنها المرسوم رقم 85-59 السالف الذكر، إلا أن لا شيء من هذا تحقق وبقي الموظف في صراع بين فلسفة الوظيفة العمومية بايجابياتها وسلبياتها، وفلسفة عالم الشغل الجديد الموحد، الذي لم يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل قطاع من قطاعات النشاط ومقتضياته.(49)
بالإضافة إلى الاختلالات السابقة، فقد صدرت عدة نصوص وأحكام قانونية أساءت للتكوين ولم تخدمه رغم الاهتمام به، من أهمها:(50)
- المرسوم رقم 79-205 المؤرخ في 10 نوفمبر 1979 (51) الذي سمح بإدماج ما يقدر ب 100 ألف أي حوالي90 % من الأعوان المؤقتين والمتعاقدين في قطاع الوظيفة العمومية، وجلهم يفتقدون للتأهيل والتكوين الإداري المتخصص.
- الباب التاسع الخاص بالأحكام الانتقالية المتكون من المواد من 137 إلى 145من المرسوم رقم 85-59 المؤرخ في 23 مارس 1985 والذي نص في على مبدأ الإدماج العام للأعوان العاملين في الوظيفة العمومية، وفقا لشروط تنظيمية محددة.
- المرسوم التنفيذي رقم 93-83 المؤرخ 23 مارس 1993 (52) الذي تم بموجبه إدماج كافة الأعوان المؤقتين والمتعاقدين في قطاع التعليم الأساسي والثانوي والبالغ عددهم 21000عونا.
- المرسوم رقم 81-115 المؤرخ في 6 جوان 1981(53) الذي قضى على التكوين كمبدأ مفضل لتولية الوظائف العمومية و فتح مجال التوظيف المباشر، لاعتبارات قد تكون موضوعية منها تارة لسد الحاجات المستعجلة للمؤسسات الإدارية المنشأة حديثة سيما في الأسلاك التقنية وتارة أخرى بدافع تبجيل حملة الشهادات العليا.
وأخيرا، فإنه على الرغم من المسعى التوحيدي للقانون رقم 78-12 فإن القوانين الأساسية النموذجية المطبقة على عمال مختلف قطاعات النشاط، ومنها المرسوم رقم 85-59، لم تتخلص من النظرة التقليدية القائمة أساسا على التمييز بين قطاع الوظيفة العمومية والقطاع العام الاقتصادي، ما أدى إلى استمرار مظاهر الاختلاف والتباين بين العاملين في القطاعين، وما عزز مثل هذا التباين أن أحكام هذا القانون لم تشر صراحة إلى إلغاء ما سبقها من أوامر ومراسيم تخص قطاع الوظيفة العمومية وعلى رأسها الأمر رقم 66- 133، رغم أن المرسوم رقم 85-59 نص على إلغاء العديد من المراسيم المتخذة لتطبيق الأمر رقم 66-133(54)، لذلك ظهرت حدود هذا القانون وما تبعه من مراسيم عموما ومنها المرسوم رقم 85-59 خصوصا، فكان لا بد من سن قانون آخر يحل محل هذا الأخير.
رابعا: في ظل الأمر رقم 06-03
اعتبارا من سنة 1986 وهي سنة التحضير لاستقلالية المؤسسات الاقتصادية ودخول الجزائر مرحلة جديدة تتطلب ضرورة تطوير علاقات العمل، سواء في القطاع الخاص أو القطاع العام بنوعيه، الوظيفة العمومية والوظيفة الاقتصادية، كان لابد من إعادة النظر في القانون الأساسي العام للعامل الذي لم يحقق الأهداف التي وضع من أجلها و من ثم استبداله في مجال علاقات العمل الفردية بقوانين تتماشى والتسيير الاقتصادي لمختلف المؤسسات واعتماد مبدأ العلاقات التعاقدية، وتعويض القوانين الأساسية النموذجية بالاتفاقيات الجماعية، وحصر دور الدولة في ضمان التطبيق السليم للتشريع والتنظيم المعمول بهما.
ونتيجة لذلك عرفت سنة 1990 صدور نصوص قانونية عديدة متعلقة بعالم الشغل من بينها القانون رقم 90-02 المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق الإضراب، والقانون رقم 90-03 المتعلق بمفتشية العمل، والقانون رقم 90-04 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل المؤرخ في 6 فيفري1990(55)، والقانون رقم 90-14 المؤرخ في 2 جوان 1990 المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي(56)، وكذا القانون رقم 90-11 المؤرخ في 21 أفريل 1990 المتعلق بعلاقات العمل (57) الذي يرمي إلى تنظيم علاقات العمل على أساس مبدأ التعاقد، أي اعتماد الاتفاقيات الجماعية للعمل في مجال علاقات العمل في القانون الخاص كإطار تنظيمي جديد بدلا من النصوص التنظيمية بما يتماشى مع طبيعة الدولة ودورها الجديد وينسجم مع التحولات الدستورية الحاصلة منذ 1989، أما في مجال علاقات العمل في القانون العام أي مجال الوظيفة العمومية، فقد كان لزاما تجاوز المرسوم رقم 85-59 المتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية.
لذلك نص القانون رقم 90-11 في مادته 157 على إلغاء العديد من القوانين المخالفة له، كما نص على إلغاء المواد من 1 إلى 179 ومن 199 إلى 216 من القانون رقم 78-12 المتعلق بالقانون الأساسي العام للعامل، أي أنه استثنى من هذا الإلغاء المواد من 180 إلى 198 من هذا القانون وهي المواد التي تتعلق بالفصل الثاني: الخدمات الاجتماعية والفصل الثالث: الحماية الاجتماعية من الباب الخامس: الترقية والحماية الاجتماعية، كما نص في مادته 3 على خضوع مستخدمي العديد من القطاعات ومن بينها قطاع المؤسسات والإدارات العمومية لأحكام تشريعية وتنظيمية خاصة.
غير أن المرسوم رقم 85-59 بقي مطبقا على موظفي المؤسسات والإدارات العمومية إلى غاية 15 جويلية 2006، وأقل ما يقال عن هذه الوضعية أنها غير طبيعية بحكم أن هذا المرسوم تم إقراره تطبيقا لأحكام المادة 2 من القانون رقم 78-12 الملغاة بموجب المادة 157 من القانون رقم 90-11 كما أسلفنا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن المادة 122 – بند 26 من دستور سنة 1996 نصت صراحة على أن الضمانات الأساسية للموظفين والقانون الأساسي العام للوظيف العمومي تدخل ضمن المجال التشريعي، وهو ما حتم سن قانون أساسي لتسيير الوظيفة العمومية.
لذلك وفي سبيل تصحيح الوضعية السابقة، تماشيا مع أحكام المادة 3 من القانون رقم 90-11 والمادة 122 من دستور سنة 1996 صدر الأمر رقم 06-03 المؤرخ في 15 جويلية 2006 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية(58)، والذي يشكل إطارا قانونيا شاملا يسمح بتكريس مرجعيات وأسس تأخذ بعين الاعتبار الحقائق الجديدة السائدة في الإدارة العمومية من جهة، والتحولات العميقة التي ميزت النظامين السياسي والاقتصادي للبلاد من جهة ثانية، كما أن أحكامه تضمنت مبادئ إدارة عصرية مؤهلة ومتكيفة مع محيطها السياسي والاقتصادي والاجتماعي بما يكفل إعادة الاعتبار للوظيفة العمومية ودورها في المجتمع، ويضمن بالتالي مواكبة المسار الشامل لإصلاح هياكل ومهام الدولة، بغية تكريس مبادئ وقواعد الحكم الراشد، الذي تبنته السلطات العمومية. وعلى العموم فإن هذا الأمر يهدف في آفاقه الكبيرة إلى ما يأتي:(59)
- تكييف مهام الوظيفة العمومية مع الدور الجديد للدولة،
- ضمان وحدوية قطاع الوظيفة العمومية وهويته وانسجامه باعتباره تجسيدا للدولة،
- التشجيع على قيام إدارة محايدة وناجعة وقادرة على الاستجابة لتطلعات المواطنين والتطور مع محيطها،
- تطوير عملية تسيير الموارد البشرية في الوظيفة العمومية ووضع منظومة تكوين مندمجة،
- تعزيز التشاور والحوار داخل الوظيفة العمومية،
- ضمان المساواة في الحقوق والواجبات وتسيير الحياة المهنية لمجموع الموظفين مهما تكن الإدارة التي ينتمون إليها، ومهما يكن مكان ممارسة مهامهم.
وعلى هذا الأساس فقد حددت المادة الثانية من هذا الأمر مجال تطبيقه فشمل المؤسسات العمومية والإدارات المركزية في الدولة والمصالح غير الممركزة التابعة لها والجماعات الإقليمية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، والمؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والثقافي والمهني والمؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والتكنولوجي.
إنّ تخصيص تشريع متميّز يحكم فئة الموظفين العموميين دون سواهم وعدم إخضاع هؤلاء لقواعد قانون العمل يحمل دلالة واضحة أن المشرع الجزائري تبنى نظرية القانون الإداري، وهكذا استبعد النص ذكر المؤسسات العمومية الاقتصادية والتي ظلت مشمولة إلى اليوم بأحكام القانون التجاري وقانون العمل، فإذا كان المشرع الجزائري قد عجز عن تحقيق الوحدة بين القطاعين في مرحلة الاشتراكية، فلا يمكن أن يحققها في ظل الحرية الاقتصادية وتراجع وجود الدولة في المجال الاقتصادي وتوسع تطبيق إجراءات الخوصصة.(60)
أما فيما يتعلق بالتكوين فقد تطرق الأمر رقم 06-03 للتكوين باعتباره حقا من حقوق الموظف في الباب الثاني المعنون الضمانات وحقوق الموظف وواجباته، إذ نص في مادته 38 على أن:" للموظف الحق في التكوين وتحسين المستوى والترقية في الرتبة خلال حياته المهنية "، وما يمكن ملاحظته للوهلة الأولى هو أن المشرع قرن الحق في التكوين بالحق في الترقية.
وإذا كانت المادة 38 من الأمر رقم 06-03 قد جعلت التكوين حقا من حقوق الموظف، فإنه بالمقابل من ذلك ألزمت المادة 104 من نفس الأمر الإدارة بتجسيد هذا الحق، حيث نصت على أنه:" يتعين على الإدارة تنظيم دورات التكوين وتحسين المستوى بصفة دائمة، قصد ضمان تحسين تأهيل الموظف وترقيته المهنية، وتأهيله لمهام جديدة".
إن أحكام المادة 104 تفرض على المؤسسة القيام بعمليات التكوين وتحسين المستوى لفائدة موظفيها بصورة مستمرة ودائمة لتحقيق ثلاث فوائد، هي:
- الرفع من مؤهلات الموظفين،
- الترقية المهنية للموظفين،
- تأهيل وتحضير الموظفين للقيام بمهام جديدة.
وقد ترك المشرع للتنظيم تحديد الكيفيات والتدابير المتعلقة بتنظيم دورات التكوين، حيث جاء في المادة 105:" تحدد شروط الالتحاق بالتكوين وتحسين المستوى وكيفيات تنظيمه ومدته وواجبات الموظف وحقوقه المترتبة على ذلك، عن طريق التنظيم".
وفي هذا الصدد، فإن المرسوم التنفيذي رقم 96-92 المؤرخ في 3 مارس 1996 المتعلق بتكوين الموظفين وتحسين مستواهم وتجديد معلوماتهم (61)، المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي رقم 04-17 المؤرخ في 22 جانفي 2004 (62) يظل النص التنظيمي الذي ينظم العناصر المنصوص عليها في المادة السابقة، إلى غاية صدور نص تنظيمي آخر يعوضه أو على الأقل يعدله .
كما تضمن الأمر رقم 06-03 ضمانات وإمتيازات لصالح الموظف المستفيد من دورة التكوين:
- فيما يخص الإمتيازات التي تعود على المسار المهني للموظف المستفيد من دورات التكوين، فالمشرع عادة ما يقرن التكوين بالترقية، كما أشرنا إلى ذلك سابقا، وعلى هذا الأساس اشتملت المادة 107 على كيفيتين تتمحوران حول التكوين تمكن الموظف من الترقية من بين أربع كيفيات، حيث جاء فيها:" تتمثل الترقية في الرتب في تقدم الموظف في مساره المهني وذلك بالانتقال من رتبة إلى الرتبة الأعلى مباشرة في نفس السلك أو في السلك الأعلى مباشرة، حسب الكيفيات الآتية:
* على أساس الشهادة من بين الموظفين الذين تحصلوا خلال مسارهم المهني على الشهادات والمؤهلات المطلوبة،
* بعد تكوين متخصص،...".
ونفس الأمر أكدته المادة 109 حيث نصت على أنه :" تتوقف كل ترقية من فوج إلى فوج أعلى مباشرة كما هو منصوص عليه في المادة 8 من هذا الأمر، على متابعة تكوين مسبق منصوص عليه في القوانين الأساسية الخاصة أو الحصول على الشهادة المطلوبة."،
- أبقت المادة 129 الموظف الذي يتابع دورة تحسين المستوى في وضعية الخدمة ما يعني استمراره في الاستفادة من كامل حقوقه: مرتبه وحقوقه في الترقية والأقدمية وغيرها من الحقوق،
- نصت المادة 134 على حق الموظف في الانتداب بقوة القانون في حالة متابعته تكوينا منصوصا عليه في القوانين الأساسية الخاصة وحالة متابعته تكوينا أو دراسات عينته الإدارة لمتابعتها.
- نصت المادة 208 على حق الموظف في الاستفادة من رخص التغيب دون فقدان الراتب لمتابعة دراسات ترتبط بنشاطاته الممارسة، في حدود أربع ساعات في الأسبوع.
أما فيما يتعلق بتنظيم التكوين في المؤسسات والإدارات العمومية، فقد نصت المادة 111 على ضرورة تسيير المسار المهني للموظفين في إطار سياسة تقديرية للموارد البشرية بالاعتماد على المخططات السنوية لتسيير الموارد البشرية والمخططات السنوية والمتعددة السنوات للتكوين وتحسين المستوى، وأحالت كيفيات تطبيق ذلك إلى التنظيم.
في هذا الإطار، فقد سبق للمرسوم التنفيذي رقم 96-92 المعدل والمتمم أن
ألزم المؤسسات والإدارات
العمومية بضرورة إعداد مخطط قطاعي سنوي أو متعدد السنوات للتكوين وتحسين المستوى وتجديد
المعلومات بما فيه عمليات التكوين في الخارج، كما ألزمها بأن تدرج هذا المخطط في
إطار التسيير التقديري للموارد البشرية، وسنرى ذلك بشيء من التفصيل في المبحث
الموالي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر والمراجع:
(*)- عرف " محمد فؤاد مهنا" الموظفين العموميين بقولـه: "هم الأشخاص الذين يعهد إليهم بعمل دائم في خدمة المرافق التي تدار بطريق مباشر بواسطة السلطات الإدارية المركزية أو المحلية أو المرفقية".أنظر: محمد فؤاد مهنا، مبادئ القانون الإداري، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، مصر، 1973، ص 513.
(1)- مصطفى الشريف، أعوان الدولة وتوظيفهم في الإدارة الجزائرية: دراسة نظرية مقارنة، بحث للحصول على دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، معهد الحقوق والعلوم الساسية والإدارية، جامعة الجزائر، الجزائر، 1977، ص 04.
(2)- A.Petit et autres, Gestion stratégique et opérationnelle des Ressources humaines, Editions Gaëtan Morin Editeur, Boucherville, Canada,1993, P.31.
-(3)سعيد مقدم، مكانة وإستراتيجية الموارد البشرية، مجلة إدارة، مجلد 14، عدد 1، 2000، ص 31.
** قانون رقم 46- 2294 مؤرخ في19 أكتوبر 1946 يتضمن القانون الأساسي العام للموظفين، أنظر:
-Republique Française, Loi N° 46-2294 du 19 Octobre 1946, JORF du 20 Octobre 1946, P.8910.
)4(- في الواقع فإن أول ظهور لأحكام قانونية مشتركة بين جميع الموظفين كان في عهد حكومة فيشي " Vichy" بموجب القانون المؤرخ في 14 سبتمبر 1941 غير أنها لم تطبق أبدا وتم إلغاؤها بالأمر المؤرخ في 09 أوت 1944 المتضمن استعادة المساواة الجمهورية، أنظر:
http://www.ladocumentationfrancaise.fr/dossiers/fonction-publique/chronologie.shtml-----
visité le 22/09/2011
(5)- M.Sbih, La fonction publique, Librairie Hachette, Paris, France,1968, P.14.
*** أمر مؤرخ في 07 مارس 1944 يتعلق بالقانون الأساسي للفرنسيين المسلمين بالجزائر، والذي أصدرته في الجزائر اللجنة الفرنسية للتحرير الوطني بقيادة شارل ديغول، أنظر:
- République Française, Ordonnance du 7 Mars 1944, JORF du 17 Mars 1944, P.217.
(6)- S.Taouti, La formation des cadres pour le développement, O.P.U, Ben-Aknoun , Alger,sans date,P.69.
**** تحولت في03 جوان 1944 إلى الحكومة المؤقتة للجمهورية الفرنسية والتي استقرت في باريس بعد تحريرها في 25 أوت 1944.
(7)- S.Taouti, op.cit,P.70.
(8)- Ibid, P.91.
(9)- أمر رقم 59-244 مؤرخ في 04 فيفري 1959 يتعلق بالقانون الأساسي العام للموظفين.
(10)- مرسوم رقم 60-668 مؤرخ في 12 أوت 1960 يتضمن تطبيق الأمر المؤرخ في 04 فيفري 1959 المتعلق بالقانون الأساسي العام للموظفين على الموظفين بالجزائر.
(11)- محمد أنس قاسم، مذكرات في الوظيفة العامة، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون، الجزائر، 1974،
ص 146.
(12)- S.Taouti, op.cit, P.92.
(13)- Ibid, P.98.
(14)-RADP, Transmission des pouvoirs de l’Exécutif provisoire de l’Etat algérien, JORA N°1 du 26/10/1962,P.3.
(15)-RADP, Décret N°62-1 du 27/09/1962 portant nomination des membres du gouvernement, JORA N° 1, op.cit, P.13.
(16)- ج.ج.د.ش، الأمر رقم 66-133 المؤرخ في 2 جوان 1966 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، ج.ر عدد 46، بتاريخ 8/06/1966، ص 542.
(17)-M.Sbih, op.cit, P.15.
(18)-S.Taouti, op.cit,P.99.
(19)-Etat Algerien, Décret N° 62-526 du 18/09/1962 portant création de la direction générale de la fonction publique, JOEA N° 15 du 18/09/1962,P.203.
(20)- E.A, JOEA N° 1 du 6/07/1962,P.6.
(21)- E.A, JOEA N° 15 ,op.cit,P.202.
(22)- E.A, JOEA N° 3 du 20/07/1962,P.26.
(23)- E.A, JOEA N° 12 du 7/09/1962,P.140.
(24)- RADP, Loi N°62-157 du 31/12/1962 tendant à la reconduction,jusqu’à nouvel ordre, de la législation en vigueur au 31/12/1962 , JORA N° 2 du11/01/1963,P.18.
(25)- M.Sbih, op.cit,P.15.
(26)- S.Taouti, op.cit, P.197.
(27)- M.Sbih, op.cit,P.18.
(28)- ج.ج.د.ش، ج.ر عدد 46، بتاريخ 8/06/1966، مرجع سابق، ص542-580.
(29)-ج.ج.د.ش، بيان أسباب الأمر رقم 66-133 المؤرخ في 2 جوان 1966، ج.ر عدد 46، بتاريخ 8/06/1966، مرجع سابق، ص 543.
(30)- ج.ج.د.ش، بيان أسباب الأمر رقم 66-133 المؤرخ في 2 جوان 1966، مرجع سابق، ص 544.
(31)- ج.ج.د.ش، المادة 2 من المرسوم رقم 66-134، ج.ر عدد 46، بتاريخ 8/06/1966، مرجع سابق،
ص 554.
(32)- عمار بوضياف، محاضرات حول النشاط الإداري، الأكاديمية العربية المفتوحة، قسم القانون العام، الدانمارك، بدون تاريخ نشر، ص 21، نقلا عن موقع:
/www.ao-academy.org/docs/alnashatt_aledari_1610009.doc
الزيارة تمت يوم 10/05/2011
(33)- RADP, Promulgation de la constitution de 1963, JORA N° 64 du 10/09/1963,P.889.
(34)- ج.ج.د.ش، بيان أسباب الأمر رقم 66-133 المؤرخ في 2 جوان 1966، مرجع سابق، ص 547.
(35)- ج.ج.د.ش، المرسوم رقم 66-151 ، ج.ر عدد 46، بتاريخ 8/06/1966، مرجع سابق، ص 577.
(36)- ج.ج.د.ش، المرسوم رقم 85-59 المؤرخ في 23 مارس 1985 المتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية، ج.ر عدد 13، بتاريخ 24/03/1985، ص333.
(37)- ج.ج.د.ش، القانون رقم 78-12 المؤرخ في 5 أوت 1978 المتضمن القانون الأساسي العام للعامل، ج.ر عدد 32، بتاريخ 8 أوت 1978، ص 724.
(38)- ج.ج.د.ش، أمر رقم 76-57 مؤرخ في 5/07/1976 يتضمن نشر الميثاق الوطني،ج.ر عدد 61 ، بتاريخ 30/07/1976، ص 890.
(39)- المادة الأولى من الأمر 76-57 ، نفس المرجع.
(40)- ج.ج.د.ش، أمر رقم 76-97 مؤرخ في 22 نوفمبر 1976 يتضمن إصدار دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، ج.ر عدد 94 ، بتاريخ 24/11/1976 ، ص 1294.
(41)- ج.ج.د.ش، ج.ر عدد 61، بتاريخ 30/07/1976، مرجع سابق، ص894.
(42)- ج.ج.د.ش، ج.ر عدد 94، بتاريخ 24/11/1976، مرجع سابق، ص 1295.
(43)- ج.ج.د.ش، ج.ر عدد 61 ، ، بتاريخ 30/07/1976، مرجع سابق، ص896.
(44)- أنظر المواد من 171-179 من القانون رقم 78-12 المتضمن القانون الأساسي العام للعامل.
(45)- ج.ج.د.ش، ج.ر عدد 61، ، بتاريخ 30/07/1976، مرجع سابق، ص896.
(46) -A.Rahmani, Quelle politique de formation pour la fonction publique ,Revue IDARA , V 6,N°1, ENA, Alger,1996,P.12.
(47)- ج.ج.د.ش، ج.ر عدد 23، بتاريخ 9 جوان 1981، ص 765.
(48)- ج.ج.د.ش، ج.ر عدد 43، بتاريخ 20/05/1969، ص496.
(49)- سعيد مقدم، أخلاقيات الوظيفة العمومية، دار الأمة للطباعة والنشر، الجزائر، ط1،1997، ص 109-110.
(50)- سعيد مقدم، تكوين الموظفين، مجلة الإدارة، المجلد 3، العدد 2، المدرسة الوطنية للإدارة ، الجزائر، 1993.
(51)- ج.ج.د.ش، المرسوم رقم 79-205 المؤرخ في 10/11/1979 المتعلق بكيفيات الإدماج الاستثنائي لبعض الأعوان المتعاقدين والمؤقتين العاملين في الإدارات العمومية، ج.ر عدد46، بتاريخ 13/11/1979.
(52)- ج.ج.د.ش، المرسوم التنفيذي رقم 93-83 المؤرخ في 23/03/1993 المتعلق بإدماج الأعوان المتعاقدين والمؤقتين لدى هياكل التعليم الأساسي والثانوي ومؤسساتهما، ج.ر عدد20، بتاريخ 28/03/1993، ص 8.
(53)- ج.ج.د.ش، المرسوم رقم 81-115 المؤرخ في 6/06/1981 المتضمن إعادة تنظيم بعض القواعد المتعلقة بتعيين الموظفين والأعوان العموميين،ج.ر عدد 23، بتاريخ 9/06/1981، ص 765.
(54)- أنظر المادة 148 من المرسوم رقم 85-59 ، مرجع سابق.
(55)- ج.ج.د.ش، ج.ر عدد 6، بتاريخ 7/02/1990، ص 231 و 237 و 240.
(56)- ج.ج.د.ش، ج.ر عدد 23، بتاريخ 6/06/1990، ص 764.
(57)- ج.ج.د.ش، ج.ر عدد 17، بتاريخ 25/04/1990، ص 562.
(58)- ج.ج.د.ش، الأمر رقم 06-03 المؤرخ في 15 جويلية 2006 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، ج.ر عدد 46، بتاريخ 16/07/2006، ص 3.
(59)- ج.ج.د.ش، الجريدة الرسمية للمداولات، المجلس الشعبي الوطني، عدد204، بتاريخ 6/11/2006، ص 10.
(60)- عمار بوضياف، مرجع سابق، ص 26 .
(61)- ج.ج.د.ش، المرسوم التنفيذي رقم 96-92 المؤرخ في 3 مارس 1996 المتعلق بتكوين الموظفين وتحسين مستواهم وتجديد معلوماتهم ، ج.ر عدد 16، بتاريخ 6/03/1996، ص5.
(62)- ج.ج.د.ش، المرسوم التنفيذي رقم 04-17، ج.ر عدد 6، بتاريخ 25/01/2004، ص17.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق