الاتصال ونظرياته المعاصرة د حسن عماد مكاوي و د ليلى حسين السيد
الإتصال ، مفهومه و أنواعه و عناصره و عوامل فعاليته
كتاب : الاتصال و نظرياته المعاصرة. دكتور حسن عماد مكاوي
مقدمة
يعد الاتصال أحد السمات الإنسانية البارزة، سواء اكان ذلك في شكل كلمات ام صور ام موسيقى، مفيد أم ضار،مقصود أم عشوائي ، فعلى أم مستتر، إعلامي ام إقناعي، واضح ام غامض، ذاتي أم مع آخرين .
وتستخدم كلمة "الاتصال" في سياقات مختلفة، وتتضمن مدلولات عديدة، فهي بمعناها المفردCommunication تعنى تبادل الأفكار والرسائل والمعلومات، وتشير في صيئة الجمع Communications إلى الوسائل التي تحمل مضمون الاتصال .ومن الصعب أن نتخيل وجود المجتمع الديموقراطي الحديث بدون وسائل الاتصال، كذلك فإن وسائل الاتصال لا يمكن أن تدار بكامل طاقتها في مجتمع متخلف، ولذلك يصعب أن نقرر أيهما السبب وأيهما الأثر. . وبمعنى آخر. . هل المجتمع الحديث هو الذي يفرز وسائل الاتصال المتطورة ام العكس؟ وعلى الرغم من الجدل الدائر حول هذه العلاقة منذ سنوات بعيدة،إلا أن المهم هو أن نفهم كيف يخدم كل منهما الآخر؟ وما هي الوظائف التي يقدمها كل منهما أيضا للآخر ؟فخلال السنوات الأولى من القرن العشرين، كانت وسائل الاتصال الجماهرية في مرحلة طفولتها، وكانت الجماهير متخوفة من تلك الاشكال الجديدة للاتصال.. مثل: الصحف والمجلات والسينما ، التي بدأت تنتشر حولهم وحول جيرانهم واطفالهم.ومع بدايات القرن العشرين، بدأت الـنظم الاجتماعية في بعض المجتمعات الصناعة تتحول من النمط التقليدي المستقر الذى يرتبط فيه الأفراد بروابط مستقرة وثابتة، إلى مجتمع تميز بقدر أكبر من التعقيد "والعزلة الاجتماعية.وكان من الواضح لمعظم دارسي النظم الاجتماعية أن المجتمعات الغربية المتقدمة تشهد زيادة واضحة في درجة التمايز والفردية، وانخفاضا في درجة سيطرة المجتمع على أفراده من خلال الوسائل غير الرسمية، واتجاه متزايد نحو العلاقات الجزئية والاجتماعية التعاقدية، وكانت هذه التحولات الاجتماعية هي بداية ظهور المجتمع الجماهيري Society Mass ، وهو المجتمع الذى يزداد فيه اعتماد الأفراد على وسائل الاتصال الجماهيرية بدلا من الاعتماد على الروابط الاجتماعية التقليدية.ويلاحظ المتابع للدراسات الإعلامية خلال القرن العشرين أنه لا يوجد اتفاق أساسي حول وظائف وسائل الإعلام في المجتمع، بل كثيرا ما يحدث الخلط بين الوظائف والتأثيرات. فبينما تهتم الوظائف بالدور العام الذى تؤديه وسائل الاتصال، نجد أن التأثيرات عبارة عن نتائج وتحديد لهذه الأدوار العامة .وعلى الرغم من عدم توصل علماء الاتصال لفهم كامل ودقيق لتأثير وسائل الاتصال على العوامل التفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية لحياة الأفراد العاديين، إلا أن هؤلاء العلماء حشدوا قاعدة من نتائج البحوث التجريبية والمسحية التي تساعد في فهم هذه الظاهرة. ولعل إحدى المهام الأساسية لباحثي الاتصال هي تجميع تلك النتائج العلمية حول آثار وسائل الاتصال على المتعاملين معها من قراء ومستمعين ومشاهدين، ومحاولة صياغة نظريات تساهم في فهم هذه الظاهرة والتنبؤ بما يمكن أن تؤدى إليه من إيجابيات وسلبيات.ولما كانت وسائل الاتصال تكون إحدى العمليات المركزية التي يحصل الأفراد من خلالها على فهم ذاتي للواقع الاجتماعي، فإن هذه العملية تظل موضوعا للبحث غير محدد بوقت معين. ومع تزايد استخدام هذه الوسائل في حياة الأفراد، يصبح الدور الذى تلعبه في بناء الواقع الاجتماعي أكثر أهمة.وبناء على ما سبق، يهدف هذا الكتاب إلى عرض نماذج الاتصال ونظرياته التي أفرزتها البحوث خلال القرن العشرين، وربطها بالأصول النفسية والاجتماعية التي أنتجتها العلوم الاجتماعية السابقة على علم الاتصال مثل: علم الاجتماع، وعلم النفس الاجتماعي، والعلوم السلوكية، وعلم اللغة، والأنثروبولوجي، وذلك من خلال طرح سبعة نماذج أساسية للاتصال،فضلا عن اربعين نظرية تسعى إلى شرح وتقييم ظاهرة الاتصال في المجتمعات الحديثة .ومع ذلك، لا ندعى أن هذا الكتاب يقدم التراث العلمي الشامل الجامع لكل نظريات الاتصال، وإنما هو محاولة علمية موضوعية لرصد خبرات البحوث السابقة ، واستعراض أبرز الجهود العلمية في مجال نظريات الاتصال،والتي يمكن معها أن تسد فراغا ملموسا في المكتبة العربية لهذا النوع من الإنتاج العلمي.وقد ثم تقسيم هذا الكتاب إلى أربعة عشر فصلا على النحو التالي:يتناول الفصل الأول تحديد مفهوم الاتصال، وأنواعه، وخصائص الاتصال الجماهيري، والنماذج الأولى للاتصال سواء أكانت هذه النماذج الخطية أحادية الاتجاه أم النماذج التفاعلية ثنائية الاتجاه، وكذلك مكونات عملية الاتصال، وعوامل فعاليتها.ويعرض الفصل الثاني لوظائف وسائل الاتصال الجماهيرية سواء اكانت على المستوى المجتمعي الشامل أم على المستوى الفردى المحدود.ويهتم الفصل الثالث بشرح مراحل تطور الاتصال أو ما يسمى بنظرية الانتقالات وتتضمن ست مراحل رئيسية هي : مرحلة الإشارات والعلامات،ومرحلة التخاطب واللغة، ومرحلة الكتابة، ومرحلة الطباعة، ومرحلة الاتصال الجماهيري، وأخيرا مرحلة الاتصال التفاعلي.ويستعرض الفصل الرابع الأصول الاجتماعية والنفسية المفسرة لعملية الاتصال ويشرح بعض النماذج الاجتماعية . . مثل : النموذج التطوري،ونموذج الصراع الاجتماعي، والنظريات النقدية . . وتشمل : مدرسة فرانكفورت، والنظرية الثقافية الاجتماعية، ونظرية الاقتصاد السياسي، وكذلك النظرية البنائية الوظيفية ، مع شرح منظور التحليل الوظيفي واستخداماته في دراسات الاتصال. ويتعرض هذا الفصل للنماذج النفسية من خلال وصف دور وسائل الإعلام في التطور الاجتماعي للفرد، وعرض النظريات الإدراكية . .وتشمل : نظريات التوازن المعرفي، والتوافق المعرفي، والتنافر المعرفي .ويطرح الفصل الخامس من الكتاب النظريات المرتبطة ببناء الواقع الاجتماعي وتشمل: الدلالة اللغوية، والنسبية الثقافية، والتفاعلية الرمزية،والتوقعات الاجتماعية، والمخططات الذهنية لمعاني الواقع، ثم عرض لدراسات الواقع المدرك من وسائل الإعلام.ويهتم الفصل السادس بنظرية حارس البوابة الإعلامية، والمتغيرات المؤثرة على قيام القائم بالاتصال بدوره.وتم تخصيص الفصل السابع لدراسة محتوى الرسالة الإعلامية واستراتيجيات الإقناع من خلال شرح أنواع الاستمالات المستخدمة في الرسائل الإعلامية، وأساليب الإقناع المختلفة، وعرض نظريات الاقناع وتشمل :الاستراتيجية السيكو دينامية، والاستراتيجية الاجتماعية الثقافية، واسترانجية بناء المعنى.وتطرق الفصل الثامن إلى مفهوم المجتمع الجماهيري ، مع شرح تفصيلي لنظرية الآثار الموحدة.ويهتم الفصل التاسع بشرح نظرية التأثير الانتقائي من خلال ثلاثة مداخل اساسية هي: مدخل الفروق الفردية، ومدخل الفئات الاجتماعية، ومدخل العلاقات الاجتماعية. وتنطوى هذه المداخل على أربع نظريات إعـلامية هي:الانتقائية، والاستخدامات والإشباعات، وتدفق الاتصال علي مرحلتين،وانتشار المبتكرات.وتم تحصيص الفصل العاشر لعرض نظريات التأثير القوى لوسائل الإعلام وتشتمل على ثلاث نظريات هي: نظرية "ليرنر" لاجتياز المجتمع التقليدي،ونظرية 1"مكلوهان " للاتصال كامتداد للحواس، ونظرية "نيومان" "دوامة الصمت" الخاصة بدراسات الرأي العام .ويتطرق الفصل الحادي عشر إلى شرح نظريات التأثير المعتدل لوسائل الإعلام من خلال ثلاث نظريات هي: ترتيب أولويات الاهتمام، والإنماء الثقافي، والاعتماد على وسائل الإعلام .ويتناول الفصل الثاني عشر نظريات المعرفة من وسائل الإعلام وتتضمن اريع نظريات هي: التماس المعرفة، وفجوة المعرفة، وتمثيل المعلومات، وتحليل الإطار الإعلامي.ويعرض الفصل الثالث عشر لبعض النظريات المفسرة للعنف في وسائل الإعلام وتشتمل على خمس نظريات هي: التطهير، والاستشارة، والتدعيم،والنموذج، والتوحد.وأخيرا يتناول الفصل الرابع عشر دراسة آثار وسائل الإعلام من خلال مجالات الاهتمام الاجتماعية والاقتصادية، والمناهج المستخدمة في دراسات الإعلام، ومجالات دراسة الآثار، ومصادر التأثير ومستوياته، ونختم هداالفصل بعرض نموذج مقترح لدراسة فعالية وسائل الاتصال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق