الألعاب التربوية استراتيجية لتنمية التفكير
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الإبداع وعن تنمية الإبداع. وعن التفكير
وتنمية التفكير. وقد تعددت البرامج التربوية التي تهتم بالمتعلم، إلا أن نتائج
الدراسات التربوية اختلفت مع برامج التفكير وتنميه التفكير، وقد أثبتت بعض
الدراسات جدوى تلك البرامج، في حين وجدت دراسات تربوية أخرى عدم جدوى تلك
البرامج. لكن جميع التربويين اتفقوا على أن إثراء المنهاج يعتبر وسيلة جيدة لتنمية
التفكير، كما أن استراتيجية المسائل الأكثر صعوبة أخذت موقعا مهما قد يفوق ما
أخذته برامج تنمية التفكير، لذلك فإن العناية بتفكير التلميذ يعني العناية بالأنشطة
التربوية التي تقدم إليه داخل المدرسة من خلال المنهاج أو من خلال أنشطة مصاحبة
للمنهاج داخل أو خارج المدرسة. كما تعني العناية بتفكير المتعلم تقديم مسائل
وأنشطة متدرجة في الصعوبة، فالمسائل الأولى تعود التلميذ على الحل كما تنشط
عقله وتشجعه على الاستمرار في الحل، وهكذا حتى يصل إلى المسائل الصعبة فإدا
استطاع المتعلم حلها فإنها تعطيه ثقة كبيرة بنفسه في قدرته على حل المسائل كما
أنها تنمي التفكير عنده وتنشط عقله.
كما إن العناية بتفكير المتعلم تعني تقديم الأنشطة التربوية الممتعة والمشوفة،
فبعض الأنشطة التربوية سواء أكانت أنشطة فردية أم جماعية فإنها تحث الفرد أن
يبذل جهده في حل النشاط أو إثبات قدرته على حل ذلك النشاط بمشاركة المجموعة
وذلك من أجل تحقيق الذات، لذلك فإن توفير أنشطة إضافية أو إثرائية تكون
مشوقة ومرتبطة بالمادة التعليمية، أصبح ضرورة لكل تربوي يريد أن يعمل على تنمية
تفكير طلابه أو أبنائه.
لذلك جاء هذا الكتاب ليقدم أنشطة متنوعة، تناسب مستويات مختلفة من
الأعمار، فقد تجد بعض الأنشطة التربوية التي تناسب سن الروضة أو المرحلة
الابتدائية كما ستجد بعض الأنشطة التربوية التي تناسب المرحلة الإعدادية والثانوية
وكذلك المرحلة الجامعية والكبار.
وفي هذا المجال فإني أؤكد أن الأنشطة التربوية ليست هدفا بحد ذاتها إنما لها
أهداف أخرى مهمة منها تنمية التفكير وبناء الشخصية المتكاملة للفرد سواء
العقلية أو الاجتماعية أو الانفعالية أو النفسحركية.
كما إني أعتبر هذا الكتاب لبنة واحدة في بناء متكامل يشمل جميع المجالات
وجميع المواد الدراسية، لذلك فإني أمل أن أجد في المكتبة العربية قريبا ما يثري
المناهج لجميع المواد الدراسية وذلك بتوفير وتأليف كتب الأنشطة التربوية لمختلف
المواد. وإنني إذ أؤكد في هذا المجال أن كنب الأنشطة التربوية وباللغة العربية
محدودة جدا إدا قيست ببقية المواد المكتبية الأخرى. وربما يعود ذلك إلى الاهتمام
القريب أو النظرة الجديدة لأهمية الأنشطة التربوية في بناء شخصية المتعلم المتكاملة
وفي تنمية التفكير وتربية الإبداع.
كما إني أمل أن يكون هذا الكتاب مرشدا للمعلم فز إبداع وابتكار أنشطة تربوية جديدة.
لقد الحقت الأنشطة التربوية بمجموعة من الحلول، وذلك من أجل تعزير ثقة
المتعلم بنفسه ومن أجل استمرارية العمل. وحتى يدرك أن النتيجة ليست هدفا بحد
ذاتها، إنما الأهم هو الطريقة التي توصل إلى الحل، مما يشجع المتعلم على التفكير
والبعث عن طريقة جديدة، مما ينمي التفكير عند المعلم دون وجود أي نوع من أنواع
المنافسة أو التحدي.
وقد جاء هذا الكتاب في إحدى عشر فصلا. يتضمن الفصل الأول مفهوم
الألعاب التربوية، والأهداف التي تحققها الألعاب التربوية، كما يتناول وظائف
الألعاب التربوية، ودور المعلم في استغلال اللعب ثم أهداف النشاط العلمي لما لها من
أثر كبير ف تنمية التفكير الإبداعي حيث يناقش حب الاستطلاع والقياس ثم
تفسير الظواهر والاستدلال. كما يعرض لأحد تصنيفات الألعاب التربوية في
الرياضيات.
أما الفصل الثاني فقد تضمن اللعب في مرحلة الطفولة وذلك لما لهذه المرحلة من
أهمية كبيرة في شخصية الطفل، حيث تعتبر الركيزة الأساسية لمختلف مراحل
عمر الإنسان، ولما لا من أهمية كبيرة في تربية وتنمية تفكير الطفل. لذلك تضمن
هذا الفصل بعض المفاهيم النظرية عن أهمية اللعب في هذه المرحلة حيث يعتبر اللعب
أداة لتطوير الطفل، كما يعتبر أداة تعلم واكتشاف بالإضافة إلى كونه أداة تعبير.
كما ناقش الفصل دور المعلم في استغلال اللعب في اكتشاف الطفل وبناء
شخصيته، وفي النهاية عرضت بعض الألعاب والأنشطة التربوية التي تصلع لمرحلة
رياض الأطفال وتنمي التفكير عندهم.
وف الفصل الثالث عرضت بعض المعارف العلمية والثقافية لبيان مظاهر
الحضارة العربية والإسلامية وأثرها على حضارات وثقافات الأمم الأخرى، ولتوضيح
إسهامات علماء العرب والمسلمين في إرسا، القواعد الصحيحة للحضارة العلمية
العالمية. والتذكير بحرصهم على نقل ثقافتهم واكتشافاتهم إلى الأمم الأخرى من
خلال جامعاتهم أو الاتصال المباشر مع الأمم الأخرى.
ويأتي الفصل الرابع بعنوان تربية الطفل المبدع وذلك لما لهذه الفئة من أهمية في
تقدم المجتمعات ورقيها. تضمن هذا الفصل المفاهيم الأساسية في الإبداع ثم مكونات
التفكير الإبداعي ومراحل عملية الإبداع وخصائص الطفل المبدع ومعوقات الإبداع.
ثم ركز هذا الفصل على تربية الطفل المبدع حيث تناول أساليب تدريسه والبيئة
المدرسية التي تنمي الإبداع وكذلك تربية الوالدين مع التركيز على الطفل الخاص
(المبدع) وأساليب الكشف عن الطفل المبدع. كما تناول هذا الفصل أساليب تدريس
مهارات التفكير واستراتيجيتين مهمتين لتدريس المتفوقين. وفي نهاية الفصل ناقشنا
بعض القضايا التربوية الملحة والتي تهم الطفل المبدع والمتفوق مثل الإسراع والمواد
الإثرائية ثم تقويم أعمال الطلاب المتفوقين.
وفي الفصل الخامس عرضت بعض الرسوم والأشكال الهندسية وبعض
استخداماتها في العملية التعلمية التعليمية، حيث إن الوسائل التعليمية متعددة
وكثيرة، ولكن الرسوم والأشكال الهندسية تمتاز بسهولة رسمها وتوضيحها
للمفاهيم في مختلف المواد الدراسية.
أما الفصول التالية فتمثل استراتيجية متكاملة لتنمية التفكير في جميع
المراحل الدراسية حيث تتكون هذه الاستراتيجية من أربعة فصول رئيسة هي الألعاب
التربوية ثم الأحجيات والألغاز ثم الاستقصائيات البحثية ثم الأنشطة التربوية حيث
تشمل الألعاب التربوية الألعاب الحياتية، التي وردت في الفصل السابع، كما نتضمن
الأنشطة التربوية أنشطة التقويم التي وردت في الفصل التاسع، وكل فصل من
الفصول الرئيسة يتضمن مجموعة من الأنشطة أو الألعاب أو الاستقصائيات التي
يمكن للمعلم أن يختار ما يناسب مستوى تلاميذه أو مستوى المرحلة التي يدرسها.
يتضمن الفصل السادس ألعابا تربوية متنوعة يمكن أن يؤديها التلاميذ بشكل
فردي أو بشكل أزواج أو بشكل جماعي وذلك إما بغرض التسلية والمتعة أو لتنمية
التفكير، أو لابتكار ألعاب أخرى مفيدة.
ويتضمن الفصل السابع بعض الأحجيات والألغاز الرياضية وتهدف إلى تنمية
مهارة التفكير والقدرة العددية والمكانية والابتكارية عند التلاميذ.
أما الفصل الثامن فيتضمن استقصائيات الهدف منها حث العقل على التفكير
وإيجاد الحلول وتبرير تلك الحلول وتنمية القدرة على الاستقراء، والاستنتاج.
أما الفصل التاسع فيتضمن أنشطة تربوية متنوعة يمكن أن ينفذها التلاميذ
تحت إشراف المعلم أو بدونه وفي أوقات مختلفة قد تكون اثناء الحصة أو بعد الانتها،
من الحصص الدراسية، وقد يتحقق الهدف التربوي الأساسي من هذه الأنشطة فيما
لو عرضت على التلاميذ بأسلوب مشوق وتم اختيار الوقت المناسب لذلك النشاط،
عندها يتحقق الهدف الأساسي وهو إثارة التفكير وتنميتنه عند مختلف مستويات
التلاميذ.
والفصل العاشر يتضمن بعض الألعاب التربوية الحياتية مثل لعبة القطار
بأنواعها ولعبة الجال والحجلة والمحج، بالإضافة إلى بعض الألعاب اللغوية والتي تنمي
مهارة القراءة والكتابة والتحليل والتركيب، وكذلك تضمن بعض الألعاب التي
تنمي التفكير مثل اكتشاف العملية والتصنيف وكلمة السر.
أما الفصل الحادي عشر فقد تضمن أنشطة تقويمية متنوعة لتنمية التفكير،
وبالاطلاع عليها من قبل الطالب أو من قبل المعلم يمكنه أن يبدأ بالتعامل معها
والقيام بحلها، وقد تنوعت فيه الأنشطة حيث شمل الأشكال الهندسية والمهارات
اللغوية والحسابية، ودراسة العلاقات البسيطة، والمتتاليات والسلاسل الهندسية
والعددية، وفي ختام الوحدة عرضت بعض الرسوم البيانية وذلك لتنمية وكشف قدرة
الطالب على قراءة الرسوم البيانية.
وللتسهيل فقد حرصت أن تكون الإجابة قريبة من النشاط أو اللعبة في الفصول
الثلاثة الأولى وفي الفصلين الأخيرين وذلك حتى لا يجد الطالب مشقة في البحث عن
الإجابة الصحيحة أو مقارنة إجابته بالإجابة الصحيحة، كما وضعت الإجابات
للفصول الأخرى والأنشطة والتطبيقات ف نهاية الكتاب، وذلك لأنها فصول تدريبات
لتنمية التفكير ولابد من بذل الجهد الكبير وذلك لتحقيق تنمية التفكير حسبما
ورد في استراتيجية المسائل الأكثر صعوبة، وحسب استراتيجية تنمية التفكير في
هدا الكتاب.
وف الختام فإني أمل أن أكون قد قدمت شيئا نافعا لأبنائنا المتعلمين كما أمل
أن يسد هذا الجهد المتواضع فراغا في المكتبة العربية وأن يكون عونا لجميع
العاملين في حقل التربية والتعليم للابداع والإنتاج.
والله ولي التوفيق ...
الدكتور/ زيد الهويدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق